الجندي أحمد إدريس ، رغم مضي أكثر من خمسة عقود على حرب أكتوبر إلا أنها ستظل ملحمة تاريخية يفخر بها كل عربي ومسلم، لا تقل مكانتها عن مثيلاتها من الحروب المصيرية في تاريخنا العريق، بل تقف مع معركة حطين وعين جالوت وإن كان لكل معركة مما سبق بطل واحد فقد تميزت حرب أكتوبر بآلاف البطولات المشرفة التي جعلتها تدرّس حتى الآن في المعاهد العسكرية كأقوى معركة في التاريخ الحديث.

معركة كان بطلها القائد والجندي والشعب، وكانت ولا تزال النوبة بوابة مصر الجنوبية وموطن القوة التي خرج منها أحمد طارداً للرعاة وعلى أرضها نشأت حضارة مملوءة بكل فخر وإباء، وقد سجل العديد من أبناء النوبة أسمائهم في سجلات البطولات ومن هؤلاء الأبطال (أحمد محمد إدريس).

مولده ونشأته الجندي أحمد إدريس

ولد أحمد إدريس في قرية توماس وعافية بالأقصر 1938، وحصل على الشهادة الإبتدائية الأزهرية 1952، وفي عام 1954 تطوع أحمد إدريس للتجنيد في الجيش المصري.

متى جاءت الفكرة؟ اللغة النوبية

في عام 1971 وبعد تولي الرئيس السادات حكم مصري كان الجندي أحمد إدريس منتدباً مع رئيس الأركان وسمع حديثاً دار بين قادته عن مشكلة فك الشفرات التي كانت سبباً من أسباب هزيمة يونيو 1976.

فتبسم قائلاً:

“إنه أمر بسيط فاللغة النوبية هي الحل، لأنها تنطق ولا تكتب، ولن يستطيع أحد فك هذه االشيفرة، نظراً لخلو اللغة من الحروف الأبجدية”، فأمر قائد الكتيبة بإستدعاء الصول أحمد إدريس وكانت هذه نقطة البداية، حيث نالت فكرة إعجاب وموافقة القائد، وتم إبلاغ القيادات العليا ومن ثم تم إصدار أمر بإحضارة.

لقاء إدريس بالسيد الرئيس

وصل هذا الأمر الى الرئيس محمد انور السادات الذي رحب كثيراً بهذه الفكرة وطلب مقابلة هذا الجندي الذي نقل له الفكرة كاملة ولم يبخل برأيه، فقال للرئيس:” إذا كان يريد أفراداً نوبيين فعليه أن يستعين بأبناء النوبة القديمة وليس نوبي 1964 المهجرين بعد بناء السد العالي لأنهم لا يجيدون اللغة كاملة وهم متوفرون بقوات حرس الحدود”، فابتسم الرئيس السادات قائلاً:

“بالفعل فقد كنت قائد إشارة بقوات حرس الحدود”.

سرّ حربي

وأكمل إدريس قائلاً:

“إن السادات طالبه بعد الإفصاح عن هذا السر العسكري، وهدده بالإعدام لو أخبر به أحداً، مضيفاً أن هذه الشيفرة إستمرت متداولة حتى عام 1994 وكانت تستخدم في البيانات السرية بين القادات”.

اللغة النوبية التي حيرت العدو

كان لوقع إستخدام اللغة النوبية في حرب أكتوبر فعل السحر، فهي لغة نيلية محلية لا يعرفها سوى أصحابها ولا تكتب وإنما هي للمحادثة فقط، لذا فقد عجزت إسرائيل عن فك أو فهم أي إشارة تم إرسالها خلال حرب أكتوبر، وكان هذا من أهم أسباب النصر.

ويذكر أحمد إدريس بعض المصطلحات التي كانت تستخدم كشيفرة فقال:

” كنا نقول على الدبابة (أولوم) ومعناها تمساح، اما العربات المجنزرة فكنا نقول عليها (إسلانجي) يعني ثعبان”.

وانتهت حرب أكتوبر دون أن تعرف كل من إسرائيل وأمريكا حليفتها تلك اللغة المستخدمة في إلقاء الأوامر بين الجيش المصري، وهذه كانت إحدى ملاحم وعبقريات حرب أكتوبر التي وقفت أمامها إسرائيل حائرة ولم تدري ماذا تفعل!.

كشف السر

وبقية اللغة النوبية هي السر الذي أصاب اسرائيل بالشلل دون أن تعرف ما الذي يجب أن تفعله، إلا أنه تم كشف هذا السر قبل عدة أعوام في مقابلة مع المجند “أحمد إدريس” الذي كشف عن أعظم سر في النصر الذي تم تحقيقه في حرب أكتوبر، وكيف كان للغة النوبية الدور الكبير في تحقيق هذا النصر، وقد كشف إدريس للعالم كافة الدلائل التي أكدت أن اللغة النوبية كان لها الفضل في النصر وكيف أن خطاب الرئيس السادات كان أيضاً باللغة النوبية.

وقد تم تكريم أحمد إدريس خلال فعاليات اليوم العاملي النوبي وذلك في 7 يوليو من عام 2014 بدار الأوبر المصرية بالمسرح الكبير.

الجندي أحمد إدريس

كانت هذه إحدى البطولات التي سطرها التاريخ في صفحاته، لم تكن بطولة جسدية فقط بل بطولة عقل وتفكير، بطولة إنتماء وولاء للوطن الذي نحيى فيه ويحيى في قلوبنا ما حيينا، سلام على شهداء حرب أكتوبر وأبطالها والسلام على كل مخلص لوطنه في الخالدين.

قد يهمكم الإنضمام الى حساباتنا التالية:

لا تنسوا دعوة أصدقائك للمتابعة ليصلكم كل ما هو جديد، ومشاركة المقال على مواقع التواصل الإجتماعي لتعم الفائدة على الجميع.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *