كيف تصنع القهوة من دون الكافيين ، تحب القهوة لكن تأثيرات الكافيين تسبب لك المشاكل المتعلقة بالنوم أو مشاكل صحية لا ترغب بها؟ إذا كان الأمر كذلك، فربما قد سمعت يومًا عن القهوة الخالية من الكافيين وغالبًا هذا السبب هو ما جذبك لقراءة هذا المقال، ودعنا نخبرك أنك في المكان المناسب للتعرف على كيفية صنع القهوة من دون كافيين لتجنب أي تأثيرات سلبية لا ترغب بوجودها.

ورغم أن الكافيين هو ما يمنح القهوة رونقها ومذاقها الخاص بشكل عام ويعطيها قيمتها المميزة لدى محبيها، إلا أن البعض يضطر للتوجه لها دون كافيين لتلافي أي أعراض جانبية، وهذا الأمر لم يظهر حديثًا فقط بل مما يقارب ثلاثمائة عام ظهرت جهود مختلفة لمحاولة التعرف على المادة المنشطة في القهوة ونزعها منها من خلال تجارب عديدة أسفرت في النهاية عن 4 طرق يتم استخدامها لنزع الكافيين من القهوة في الوقت الحالي.

فكيف بدأت حكاية التعرف على الكافيين وبداية نزعه من القهوة، وكيف بدأت عملية صناعة القهوة بدون كافيين، وما هي الطرق المستخدمة حاليًا لذلك؟ وكيف يمكنك تحضيرها أو حتى التمتع بها بمكينة قهوة مثل ديلونجي؟ كل هذا سنتعرف عليها من خلال المقال. 

ما هي عملية نزع الكافيين من القهوة؟

هي العملية التي يتم من خلالها فصل الكافيين عن باقي عناصر القهوة، وتعرف باسم ” Decaffeination”؛ وهو الاسم المأخوذ منه مصطلح ديكاف “Decaff” الظاهر غالبًا على منتجات القهوة أو الكاكاو منزوعة الكافيين.

وتتم هذه العمليات في الغالب بعدة مراحل؛ بعضها يستخدم مواد كيميائية أثناء المعالجة وبعضها يستخدم تقنيات مختلفة تعتمد على العناصر الطبيعية، لكن العامل الأهم فيها جميعًا هو تواجد الماء كعنصر أساسي للمساعدة في نزع الكافيين من القهوة ووجوب القيام بالعملية قبل تحميص الحبوب – أي يجب أن تكون حبوبًا خضراء. 

كيف بدأت العملية؟

كانت الجهود الأولى للتعرف على الكافيين عبر العالم الكيميائي الألماني فريدليب فرديناند رونغه في بدايات القرن التاسع عشر الذي اكتشف المادة الفعالة في القهوة وينعكس تأثيرها على الجسم وكانت تتمثل في الكافيين، حيث بدأ اجراء تجاربه على القهوة بعد حصوله على كيس من حبوبها من صديقه الكاتب والشاعر الألماني الشهير، غوته، الذي بدوره طلب من رونغه إجراء اختباراته على الحبوب ليكتشف بعدها العنصر الأهم في هذه الحبوب “الكافيين”.

ويقال إن الألماني الآخر لودفيغ روزيليوس، تاجر القهوة المعروف بتأسيس العلامة التجارة Kaffee HAG عام 1906، كان أول من تعرف على عملية نزع الكافيين وذلك عن طريق الصدفة في عام 1903، حيث كان يستعد لاستقبال شحنة من القهوة في ذلك العام لكنها أثناء النقل والشحن غمرتها المياه وبعد تجربتها لاحظ خروج الكافيين دون اختلاف الطعم، ليحاول لاحقًا إجراء تجارب لإعادة الكرة بطريقة ذاتية من خلال غلي حبوب القهوة مع بعض الأحماض واستخدام مذيبات البنزين، لتبدأ رحلة نزع الكافيين من القهوة.

لكن بعد تحديد البنزين كمادة مسرطنة، صارت الحاجة أكثر لوجود طرق أخرى لاستخلاص الكافيين من خلال استعمال عناصر ومواد كيميائية جديدة، وهو الأمر الذي انتهى به المطاف للتوصل إلى 4 طرق يتم العمل بها في الوقت الحالي. 

كيف تتم عملية نزع الكافيين من القهوة؟

كما ذكرنا، فإن نزع الكافيين من القهوة يحتاج إجراءات عديدة بعضها يتطلب إدخال مواد كيميائية وبعضها الآخر يتطلب مواد وعناصر طبيعية فقط، لكن يجدر القول بأن العام الأهم في هذه العملية يتمثل بوجود الماء ولزوم وجود حبوب قهوة خضراء؛ كون عملية نزع الكافيين تحدث قبل تحميص الحبوب للحفاظ على مذاق القهوة بأكبر صورة ممكنة، لأن القيام بهذه العملية بعد تحميص الحبوب ربما يجعل مذاقها أشبه بالقش وليس قريبًا أبدًا من القهوة.

تنقسم طرق نزع الكافيين من القهوة إلى 4 طرق؛ اثنتين منها تعتمدان على المواد الكيمائية ومثلهما على المواد الطبيعية، فيما تختلف هذه الطرق بطعم القهوة ومذاقها النهائي الذي ربما لا يعجب أغلب محبي القهوة، بجانب كونها لا تعمل على إزالة الكافيين بنسبة 100% من الحبوب لأنها ستستمر بالحفاظ على 1-3% على الأقل من نسبة الكافيين الموجودة فيها حتى بعد أي عملية مهما كان مستواها.

وتتم عملية نزع الكافيين من القهوة في الغالب من شركات متخصصة ومجهزة لهذا الأمر، وليس من العلامات التجارية للقهوة نفسها، وتتواجد هذه الشركات بشكل خاص في الولايات المتحدة، كندا، أوروبا، وبعض دول أمريكا الجنوبية. 

كيف تصنع القهوة من دون الكافيين
كيف تصنع القهوة من دون الكافيين

طرق نزع الكافيين:


  •         باستخدام المذيبات بطريقة مباشرة

تعتمد هذه العملية على غلي حبوب القهوة على البخار لمدة نصف ساعة تقريبًا حتى تتفتح المسامات فيها، ومن ثم يتم إضافة مركبات كيميائية مثل كلوريد الميثلين أو اسيتات الإيثيل على تلك الحبوب لمدة 10 ساعات، وفي هذه العملية تسحب المركبات الكيميائية مادة الكافيين إلى الخارج من خلال الارتباط معها، ثم في النهاية يتم تجفيف الحبوب للحصول على قهوة منزوعة الكافيين.

خلال هذه العملية قد تفقد القهوة بعض مركباتها أثناء التفاعل مع المواد الكيميائية بجانب الكافيين، وبالتالي يتأثر بها الطعم والقوام في معظم الأحيان.


  • باستخدام المذيبات بطريقة غير مباشرة

تختلف هذه العملية في إجراءاتها على العملية السابقة لكنها تتشابه باستخدام نفس المذيبات الكيميائية، حيث تم خلالها غلي حبوب القهوة لساعات وتتفتح خلال المسامات وتخرج منها بعض العناصر وخاصة المتصلة بالزيوت بسبب عملية الغلي، بعدها يتم أخذ الحبوب ووضعها في مركبات كلوريد الميثلين أو اسيتات الإيثيل لمدة 10 ساعات، وبعدها يتم تسخين الحبوب ليتبخر المحلول حاملًا الكافيين إلى الخارج.

تستمر هذه العملية من خلال إعادة حبوب القهوة إلى الماء الذي تم غليها فيه بالمرحلة الأولى ويحمل معه بعض العناصر المتحللة وقتها، ومن ثم تركها لتتخمر وتتشرب السائل.

ويُعاب على هذه الطريق تغير نكهة القهوة بعد تجهيزها بسبب أن الإجراءات المتخذة في عملية نزع الكافيين أفقدت بعض العناصر قوامها وأصالتها، وبالتالي منحها طعمًا مختلفًا.


  • الطريقة السويسرية باستخدام الماء

الطريقة السويسرية لنزع الكافيين بالماء أو The Swiss Water Process؛ هي طريقة طبيعية بدأت عام 1933، وتم استخدامها تجاريًا لأول مرة عام 1979، ثم انتشرت على نطاق واسع في تسعينات القرن الماضي.

تجري هذه العملية من خلال غلي حبوب القهوة في الماء لعدة ساعات، ثم وضع فلتر من الكربون يعمل على حجز ذرات الكافيين وترك العناصر الأخرى، وهي عملية تفقد من خلالها حبوب القهوة جميع عناصرها ومقوماتها بسبب الغلي وسحبها للماء أو بسبب وجود فلتر الكربون لسحب الكافيين، ومن ثم أخذ حبوب القهوة من الماء المغلي.

وبعدها، يتم وضع كمية جديدة من نفس حبوب القهوة في نفس الماء للقيام بنفس الخطوات، لكن بسبب تواجد عناصر الكمية السابقة من الزيوت ومركبات القهوة في الماء بسبب غلي الكمية السابقة، فإن الماء يكتفي من سحب المزيد من العناصر فيما يستمر فلتر الكربون بسحب الكافيين من الحبوب الجديدة، وهنا في المرحلة الثانية سنجد أن العملية ساهمت بخروج الكافيين بسبب الكربون لكنها أبقت على عناصر القهوة الأخرى بسبب تشبع كمية الماء منها بعد عملية الغلي الأولى.

هذه العملية تحافظ على مذاق القهوة أكثر من غيرها بسبب بقاء العناصر الأخرى فيها دون خروجها بشكل نسبة أو كامل أثناء الإجراءات.

تتشابه هذه العملية في مرحلتها الثانية مع عملية إذابة السكر في الماء، فمثلًا لو كان كوب الماء يحتاج لملعقة سكر ليتشبع بها، ستذوب هذه الكمية في الماء، لكن إذا تم إضافة ملعقة أخرى فإن الماء لن يتمكن من إذابتها، وبالتالي سيبقى السكر كما هو ولن يفقد عناصره، وهو الأمر الذي يتم مع حبوب القهوة في المرحلة الثانية، إلا أن فعالية فلتر الكربون تساعد بإخراج الكافيين فقط من تلك الحبوب.


  •         باستخدام ثاني أكسيد الكربون

طريقة نزع الكافيين باستخدام ثاني أكسيد الكربون هي طريقة حديثة العهد، وتتم من خلال ضخ ثاني أكسيد الكربون المسال بقوة ضغط 453 كجم لكل بوصة على القهوة الموضوعة في أوعية من الستانلس ستيل، وتساعد قوة الضغط الهائلة على إخراج الكافيين من حبوب القهوة بعد ارتباطه بها وذهابها في مكان مختلف، ومن ثم يتم تخفيف الضغط لتبدأ وقتها ذرات ثاني أكسيد الكربون بالعودة لوضعها الغازي تاركة الكافيين خلفها، وهنا يصبح لدينا حبوب قهوة بدون كافيين في جهة وكافيين مستخلص في جهة أخرى.

ورغم كونها توفر خيارات مختلفة وفعالة، إلا أن تكلفة هذه العملية العالية تقنن استخدامها بين الشركات.

بعد الانتهاء من نزع الكافيين، تقوم الشركات بأخذ الحبوب الناتجة وتعبئتها بما يتناسب مع استخدامها، ومن ثم توزيعها حول العالم خضراء أو محمصة للمستهلكين النهائيين أو حتى كقهوة سريعة التحضير. وبعد هذه المرحلة يمكن التعامل معها كأي قهوة أخرى أثناء التحضير، لذا يمكنك التمتع بها بمكينة قهوة مثل ديلونجي كاسبريسو أو قهوة فلتر أو إعدادها بطريقتك المفضلة. 

كيف تصنع القهوة من دون الكافيين
كيف تصنع القهوة من دون الكافيين

لماذا من الصحي أحيانًا شرب القهوة بدون كافيين للبعض؟

رغم أن الكافيين يمنح الجسم العديد من الأثار الإيجابية ويساعد في تنشيط الجسم والذهن وزيادة الإدراك والتركيز وتحسين صحة القلب، بجانبه منحه طعمًا رائعًا للقهوة، إلا أنه يمتلك أثار سلبية يحاول البعض تجنبها خاصة أولئك الذين يحبون شرب القهوة، وبالتالي تبدأ رحلتهم للبحث عن قهوة بلا كافيين.

وتُعد الأثار السلبية مثل القلق، الآرق، الاسهال، التعرق الزائد، وزيادة معدل ضربات القلب في بعض الأحيان، وارتعاش العضلات، من الأمور التي تحفز البعض على شرب القهوة بدون كافيين. لكن هذه الأعراض السلبية تتباين بين الأشخاص وربما لا يظهر أي منها على بعض الناس، كما أن شرب القهوة بطريقة صحيحة وكميات معتدلة يمكن أن يساعد في تجنبها، باستثناء بعض الناس الذين تؤثر فيهم نسبة الكافيين بشكل كبير مهما كانت. 

ماذا يحدث للكافيين المنزوع أو المستخلص من القهوة؟

عند استخراج الكافيين من حبوب القهوة، تعمل الشركات على الاستفادة القصوى منه بدلًا من اتلافه. وهو ما يجعلها تقوم ببيعه أو إعادة تصنيعه بأشكال مختلفة.

وتقوم بعض الشركات بتحويل الكافيين المستخلص من القهوة لاستخدامه في مشروبات أخرى مثل مشروبات الطاقة، وكذلك توفيره لشركات الأدوية لصناعة العقاقير الطبية وخاصة المنشطة منها والمعتمدة على الكافيين بصنعها. 

معلومة إضافية

ظهر مصطلح جديد في البرازيل باسم Decaffito وهو مختصر من اللغة البرتغالية لمسمى نزع الكافيين Decaffeination الإنجليزي، وقد انتشر في 2009 بالتزامن مع التقدم الذي أحرزته البرازيل في زراعة قهوة بدون كافيين لتوفيرها في السوق لتجنب عمليات نزع الكفايين المختلفة مستقبلًا. وقد تم تسمية هذا النوع من الحبوب رسميًا كعلامة تجارية باسم ” Decaffito”.

ويعود بدء العمل على زراعة أول قهوة طبيعية بدون كافيين إلى عام 2004 عندما اكتشف فريق خبراء برازيلي فصيلة للقهوة تُدعى “كاريريانا” في وسط أفريقيا وتحديدًا في الكاميرون، وتفتقر هذه الفصيلة إلى جين يسمى سينثيز يؤدي إلى تراكم عنصر الثيوبرومين في النبات بدلًا من تحويله إلى كافيين، وهو ينتج لنا قهوة بدون كافيين، لذا بدأ العلماء العمل على تهجين هذه الفصيلة مع الفصائل الأخرى للحصول على قهوة تخلو من الكافيين، أو حتى محاول نزع جين السينثيز من الحبوب العادية وزراعتها لكيلا تتمكن من صناعة الكافيين والحصول بالتالي على قهوة بدونه.

يجدر الذكر أن أول فصيلة قهوة خالية من الكافيين تم اكتشافها قبل ذلك في كينيا وتُسمى ” pseudozanguebariae”، لكن رحلة Decaffito بدأت مع الفصيلة الثانية التي تم اكتشافها في الكاميرون أملًا في بدء زراعة وإنتاج هذه القهوة على نطاق واسع لإنتاج حبوب منزوعة الكافيين طبيعيًا وتجنب العمليات الصناعية.

تابعونا  على قناتنا على تلغرام ليصلكم كل ما هو جديد على موقعكم ثقفنا كل يوم; ولا تنسوا الدعم والمشاركة على مواقع التواصل الإجتماعي تقديراً لجهودنا المبذولة لكم; مع فائق الإحترام.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *